خطبة الجمعة كورونا
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ
نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾
فـــــي واقــعـــــــــة كــــــــــــرونـــــــا
القاضي / شائف الشيباني
الحمد
الله حق حمده ونستغفره ونتوب إلية له الحمد وله المن والثناء الحسن {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} }فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِين تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ
(17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ
(18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي
الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ{
(19) والصلاة والسلام على نبيه وآله وصحبه وجنده، فهذه بصائر ومعالم للعالم في
واقعة كرونا حررها فأقول :
هذا
الحدث العالمي الذي أفزع أهل الأرض في فجأة ظهوره، وفي آثاره، وفي تحليل أسبابه و
في معالجة نتائجه، وقد أخاف العالم كله شرقيه و غربيه، من الصين شرقا إلى أمريكا
غربا، ومن أقصى الشمال إلى الجنوب،
فما
هو؟ أنه دآبة صغيرة من دواب الأرض لا ترى بالعين المجردة اسمها كورونا فهل هذا
الفيروس دليل غضب الله بسبب انتهاك محارمه والتقصير في الطاعات ارسله تبيانا لهذه
الأمة وتخويفا لها من عذاب أكبر ،أم هو عقاب منه عز وجل أم تحد لعباده في زمن
العلم الذي بلغ عنان السماء وقواميس المحيطات وباطن الأرض ليريهم الله من آياته
انهم ما أوتوا من العلم الا قليلا فيقرون بعظمة الخالق عز وجل ويعلمون ان الله ان
اراد هلاكهم فما يغني عنهم سلطانهم ولا أموالهم ولا جندهم شيئا.
أم أن
الله جعله آية من آياته ليخوف عبادة لعلهم
يهتدون لعلهم يعقلون لعلهم يتقون لعلهم يتذكرون لعلهم يشكرون لعلهم ينيبون إليه ويقرون
بذنوبهم ويتوبون إليه قبل فوات الأوان. .
فالحقيقة
التي لاريب فيها ولا يختلف عنها العقلاء أن هذا الفيروس آية من آيات الله , سواء
كان خروجه على الناس بأمر من الله أم أنه
كما يقال تم زراعته من قبل احدى الدولتين الصين أو امريكا أو غيرهما فالله سبحانه
وتعالى هو خالق كل شيء فهو خالقنا وخالق ما نصنع أو نزرع أو ما يتم تخصيبه أو
تكثيره فهو كما قال سبحانه وتعالى " قُلِ اللَّهُ
خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16) "، وفي آية
أخرى قال الله تعالى " اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ"
(62),
وفي موضع أخر من كتابه العزيز يبين الله أنه خلقنا وخلق ما نعمله فقال عز وجل " وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ"
(96)
وحيث أن
هذا الفيروس آية من آياته فما الذي يريده الله تعالى من بيان آياته للناس لنسمع إلى كلام الله تعالى
فيما جاء بكتابه العزيز عن فرعون وقومه:
ابتلاهم
الله تعالى بالسنين ونقص من الثمرات فيما يعرف في عصرنا الحديث ( الحصار
الاقتصادي) لكن الذي فرضه على فرعون وقومه هو الله تعالى تحذيرا وتخويفا لماذا
يخوفهم ويحذرهم (لعلهم يذكرون)
هذه
العلة (لعلهم يذكرون) هي التي يريدها
الله تعالى من الناس من أي ابتلى لأنه سبحانه وتعالى رحيم بعباده فلا يريد أن
يعذبهم قبل أن اعذارهم أو انذارهم فإن تذكروا نعمة الله عليهم التي كانوا ينعمون
بها قبل ذلك البلاء وعبدوه وحده لا شريك له وانابوا إليه واطاعوه سبحانه وتعالى رفع عنهم
ذلك البلاء وإن تمادوا في المعاصي
ارسل
إليهم الآيات آية تلو الآية لعلهم يذكرون ثم يوقع عليهم العذاب
فانظروا
إلى من كان قبلكم كيف ارسل الله اليهم الآيات مفصلات ولما لم يؤمنوا جاءهم الرجز
أي العذاب :
قال
الله تعالى :
"وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن
الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130) فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ
لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلا
إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (131)
وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ
بِمُؤْمِنِينَ (132) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ
وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْمًا
مُّجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُواْ يَا مُوسَى ادْعُ
لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ
لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ (134) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ
الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (135) فَانتَقَمْنَا
مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ
عَنْهَا غَافِلِين"
نخلص
مما اسردناه آنفا أن الله تعالى يبين لنا آياته وهي آيات مختلفة بحسب الزمان
والمكان وبما يتناسب مع تحديات العصر وما بلغ أهل ذلك الزمن من العلم والفنون أو
القوة والجبروت .
وفي
هذا الزمن الذي اقترب فيه الناس بما آتوا من العلم والقوة أنهم قد ظنوا أنهم لن
يعجزهم شيئا أرسل الله اليهم ذلك الفيروس المعروف بفيروس كورونا فعجزوا عن مكافحته
ولم يستطيعوا بما اتوا من العلم والقوة ان يعلموا شيئا فتحصنوا في منازلهم ولبسوا
من الثياب والكمامات ما تقيهم من وصول ذلك الفيروس إليهم منتظرين المهلة التي
حددها الله تعالى للناس كي يتذكروا
فهلا ترك
الناس الموبقات والفساد والإفساد في الأرض برا وبحرا وجوا وانابوا إلى الله تعالى
وعلموا بل وايقنوا أن ما يجري فيهم أنه من الله تعلى ليذيهم بعض الذي عملوا (لعلهم يرجعون)قال الله تعالى (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا
كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ
يَرْجِعُونَ)الروم :(41) وفي التنزيل:(لعلهم
يتضرعون) (لعلهم يتذكرون).
كل تلك
العلل من الإبتلاء بفيروس كورونا مثلهم مثل القرون الأولى( لعلهم يتذكرون لعلهم
يرجعون لعلهم يتضرعون
قال عمر
بن عبد العزيز - رضي الله عنه-:" تُحدث للناس أقضية بقدر ما استحدثوا من
الفجور"
ودونكم
الحديث النبوي الشريف الصحيح الجامع في أمر الطاعون الذي رواه سيدنا عبدالله بن
عباس - رضي الله عنهما-
أنَّ
عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، خَرَجَ إلى الشَّأْمِ، حتَّى إذَا
كانَ بسَرْغَ لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأجْنَادِ، أبُوعُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ
وأَصْحَابُهُ، فأخْبَرُوهُ أنَّ الوَبَاءَ قدْ وقَعَ بأَرْضِ الشَّأْمِ. قَالَ
ابنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ عُمَرُ: ادْعُ لي المُهَاجِرِينَ الأوَّلِينَ، فَدَعَاهُمْ
فَاسْتَشَارَهُمْ، وأَخْبَرَهُمْ أنَّ الوَبَاءَ قدْ وقَعَ بالشَّأْمِ،
فَاخْتَلَفُوا، فَقَالَ بَعْضُهُمْ:
قدْ
خَرَجْتَ لأمْرٍ، ولَا نَرَى أنْ تَرْجِعَ عنْه، وقَالَ بَعْضُهُمْ: معكَ
بَقِيَّةُ النَّاسِ وأَصْحَابُ رَسولِ اللَّهِ
-
صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ - ، ولَا نَرَى أنْ تُقْدِمَهُمْ علَى هذا الوَبَاءِ،
فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوا لي الأنْصَارَ، فَدَعَوْتُهُمْ
فَاسْتَشَارَهُمْ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ المُهَاجِرِينَ، واخْتَلَفُوا
كَاخْتِلَافِهِمْ، فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّي، ثُمَّ قَالَ:
ادْعُ
لي مَن كانَ هَا هُنَا مِن مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ مِن مُهَاجِرَةِ الفَتْحِ،
فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ منهمْ عليه رَجُلَانِ، فَقالوا: نَرَى أنْ
تَرْجِعَ بالنَّاسِ ولَا تُقْدِمَهُمْ علَى هذا الوَبَاءِ، فَنَادَى عُمَرُ في
النَّاسِ:
إنِّي
مُصَبِّحٌ علَى ظَهْرٍ فأصْبِحُوا عليه. قَالَ أبُوعُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ:
أفِرَارًا مِن قَدَرِ اللَّهِ؟ فَقَالَ عُمَرُ:
لو غَيْرُكَ قَالَهَا يا أبَا عُبَيْدَةَ؟
نَعَمْ نَفِرُّ مِن قَدَرِ اللَّهِ إلى قَدَرِ
اللَّهِ، أرَأَيْتَ لو كانَ لكَ إبِلٌ هَبَطَتْ وادِيًا له عُدْوَتَانِ،
إحْدَاهُما خَصِبَةٌ، والأُخْرَى جَدْبَةٌ، أليسَ إنْ رَعَيْتَ الخَصْبَةَ
رَعَيْتَهَا بقَدَرِ اللَّهِ، وإنْ رَعَيْتَ الجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بقَدَرِ
اللَّهِ؟ قَالَ: فَجَاءَ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ - وكانَ مُتَغَيِّبًا في
بَعْضِ حَاجَتِهِ - فَقَالَ: إنَّ عِندِي في هذا عِلْمًا، سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ
- صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يقولُ: إذَا سَمِعْتُمْ به بأَرْضٍ فلا تَقْدَمُوا
عليه، وإذَا وقَعَ بأَرْضٍ وأَنْتُمْ بهَا فلا تَخْرُجُوا فِرَارًا منه قَالَ:
فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ.
والحديث
متفق عليه عند الشيخين البخاري ومسلم ،واللفظ للبخاري.
و
لماذا لا يستقصي المحدثون والمؤرخون تفاصيل روايات وحوادث وقائع التعامل مع
الطواعين في القرون الماضية؛ لأخذ التجربة؟!
وكما
قال الأول:
مَن لم
يعِ التاريخَ في صدرِه
لم
يَدْرِ حُلوَ العَيشِ مِن مُرِّه
ومَن
وَعَى أخبار من قد مضي
أضافَ
أعمارًا إلى عُمْرِه
وفي
هذا الحديث من الفقه ظهور" أول إجماع صريح فقهي طبي معتبر من الصحابه الكرام
"، لما جاءهم النص، "فقطعت جهينة قول كل خطيب" برواية سيدنا عبد
الرحمن بن عوف المتضمنة ما يعرف الآن عالميا بمصطلح "الحجر الصحي" الذي
سبقت به أمة سيدنا محمد - عليه الصلاة والسلام -
سائر الأمم في روايتها وفي درايتها
ومعرفتها به وتطبيقاتها له عبر القرون.
وفيه
اجتماع النص والقياس، والنظر والأثر، والمنقول والمعقول وتوافقهما فقد هدى الله
الصحابة الكرام للاجتهاد الصحيح والقياس الرجيح؛ ليتمموا مشاورتهم عبر الاجتهاد
الجماعي مع أمير المؤمنين عمر ويختتموه بالإجماع الصريح.
(وهدوا
إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد).
اذا فما
الذي يمكن إيضاحه في مسائل واقعة كرونا العصر 1441ه/2020م من تلكم الأمور؟
والجواب
عن ذلك فيما يلي :
اولاً : التحرز والاحتراز، وفقا
لما تقدم من تصرف الصحابة وعملا بقوله - عليه الصلاة والسلام - :
"لا
يُورَدُ مُمْرضٌ على مُصِحٍّ" أخرجه مسلم برقم 2873 عن أبي سلمة بن عبد
الرحمن بن عوف- رضي الله عنهما -.
قال
الحافظ ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف لابن رجب
ص
68،عند شرح هذا الموضع: "والمُمْرِض: صاحب الإبل المريضة، والمصِحُّ : صاحب
الإبل الصحيحة، والمراد النهي عن إيراد الإبل المريضة على الصحيحة".
وقال
الحافظ ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري 11 /243 في الجمع بين أحاديث الباب
:يعني حديث :
"لا
عدوى ولا طيرة" مع "لا يورد ممرض على مصح" :
وجه
الجمع بينهما :
"
أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها، لكن الله سبحانه وتعالى جعل مخالطة المريض بها
للصحيح سببا لإعدائه مرضه، ثم قد يتخلف ذلك عن سببه ذلك كما في غيره من الأسباب
"
وحيث
إن الأحكام الشرعية منها ما هو تعبدي ومنها ما هو معقول المعنى فأحاديث الطاعون من
جنس هذا الباب المعقول،
والحاصل
من ذكر ذلك يخلص في الدعوة إلى الاعتبار
والاتعاظ والاستفادة من آيات الله تعالى والفرار إلى الله تعالى.
قال
تعالى :
﴿
فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [الذاريات: 50].
وفي
كتب التفسير :
أمر
الله عز جل رسوله صلى الله عليه وسلم أن يُبلغ هذا النداء العظيم إلى أمته، أن يفروا
إليه سبحانه وتعالى، يفروا إليه أي: يرجعوا إليه ويتوبوا إليه التوبة الصادقة
والشاملة مما يكرهه الله إلى ما يحبه، من الكفر به إلى الإيمان ومن الجهل إلى
العلم، ومن الظلم إلى العدل، ومن المعصية إلى الطاعة، ومن البدعة إلى السنة ومن
الغفلة إلى الذكر، ومن الانحراف عن صراطه المستقيم إلى الاستقامة عليه ... الخ.
الخطبة الثانية :
الحمد لله وكفى وصلاة وسلام على من اصطفى ثم أما بعد :
ومما
تقررت معرفته طباً في هذا العصر ما سمعناه من أهل الإعجاز العلمي في توجيه حديث
النبي صلى الله عليه وسلم برواية حافظ الإسلام أبي هريرة- رضي الله عنه-وفيه
:" و فر من المجذوم فرارك من الأسد"
أخرجه
الإمام البخاري في كتابه الصحيح في كتاب الطب باب الجذام برقم 5707.
وقد
قال بعض علماء الطب:" إن الجذام أنواع، وإن النوع المعدي هو الجذام ذو الورم
الجذامي، أو الجذام الأسدي الذي يشبه فيه وجه المجذوم وجه الأسد ، وإن الجذام
الدرني غير معد إلا فيما ندر" اه من
بحث سعادة الدكتور/ محمد بن علي البار، بعنوان:" الإعجاز الطبي في الأحاديث
الواردة في الجذام منشور من موقع رابطة العالم الإسلامي.
وكذلك
أيضا إيضاح الأطباء المعاصرين أن المصاب قد يكون حاملا للمرض دون ظهور أعراضه عليه
وهو المقصود من الحجر الصحي أي فحكمته : حصرٌ وقصرٌ لمحيط دائرة المرض وحده من
الانتشار، وهذا سبق علمي إسلامي طبي رفيع و فريد .
ففي
هذا الحديث من الفقه بيت القصيد وخلاصة الأمر وموضع النتيجة أن الطواعين والأوبئة
والأمراض ليست على درجة واحدة ، بل الأمر فيها متنوع و متعدد، فيتعدد ويتنوع
التعاطي معها، فمنها :المعدي، ومنها :غير المعدي، حتى بشأن هذا الفيروس المعاصر
المسمى فيروس كورونا فقد قيل أنه نوعين خطير وأقل خطورة وان المريض قد يكون حاملا
له ولا يبدو عليه الاصابة ولكنه ناقل للعدوى به رغم ذلك .
الأمر
الذي يجب معه تجنب الزحام والاجتماعات وهو ما يحتاج إلى لجان رصدٍ شرعية و علمية
وطبية وأمنية تتظافر وتتكامل فيما بينها، و تدرس الخيارات و اعتبارات المدينة
الواحدة او الحي أو القرية مع وجهائها من
أهلها على انفراد فكما يقال : "أهل مكة أدرى بشعابها "
(ربنا
اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون).
وفي
الختام:
أوصي نفسي وإخواني المسلمين بالإيمان بقضاء الله
وقدره "وأن يتعرفوا على الله في الرخاء ليعرفهم في الشدة، وأن يعلم الواحد
منهم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، و ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن النصر مع الصبر،
و أن الفرج
مع الكرب وأن مع العسر يسرا"
وهي
الكلمات النبوية لسيدنا الحبر ابن عباس.
وأن من
أصيب فصبر على الطاعون إيمانا واحتسابا ترجى له الشهادة ففي المتفق عليه عن أنس بن
مالك رضي الله عنه :" الطَّاعُونُ شَهادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ".
أخرجه
البخاري (2830)، ومسلم (1916)
جاء في
شرحه:
مِن
رحمةِ الله تعالى وفَضلِه على هذه الأُمَّةِ: أنْ جعَل شُهداءَها أنواعًا كثيرة،
فلم يَقصُرِ الشَّهادةَ على مَن قُتِلَ في المعركةِ ضِدَّ أعدائِه، وإنَّما جعَل
شُهداءَها في أكثرَ مِن ذلك، فالغَرِيقُ شَهِيدٌ، ومَن تَهدَّم عليه الجِدارُ أو
البيتُ شهيدٌ، ومَن مات حَرْقًا شهيدٌ، وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النبيُّ صلَّى
الله عليه وسلَّم عن نَوْعٍ مِن الشُّهداءِ، وهو الَّذِي يموت بالطَّاعُونِ،
فالطاعونُ (وهو المَرَضُ العامُّ والوَباءُ) شَهادةٌ لكلِّ مُسلِمٍ، أي: إنَّ مَن
مات به كان في عِدَادِ الشُّهداءِ، إلَّا أنَّ هذه الشَّهادةَ هي بالنِّسبةِ
للأجْرِ في الآخِرَة، وليستْ لها أحكامُ شَهيدِ المعركةِ في الدُّنيا. وقيل: وسببُ
كونِ هذه الموتاتِ شهادةً؛ شِدَّتُها وعَظيمُ الألمِ فيها؛ فجازاهم اللهِ على ذلك،
بأنْ جَعَل لهم أجْرَ الشُّهداءِ.
ومن
الأدب النبوي حال النظر المباشر أو عن طريق الفيديو أو الصور للمرضى والمصابين أن يمتثلوا ما أخرجه الإمام
الترمذي بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
"
من رأي مبتلى فقال :
الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على
كثير من خلقه تفضيلا، لم يصبه ذلك البلاء"
يقوله
المسلم بيقين لا تجريب، وعن عقيدة وقناعة تامة لا شك فيها ولا ارتياب؛ لتتحقق له
الحماية الإلهية المنقولة عن الهدي المحمدي النبوي.
فلتعترفوا
بالضعف ولا تقترفوا ما يغضبه (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه....) .
اللهم
إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك.
اللهم
إن بالعباد والبلاد من اللأواء والجهد والخوف و المرض والرعب والفزع والضنك ما لا
نشكوه إلا إليك فاصرف عنا من البلاء ما لا يصرفه غيرك يا من إذا رفعت إليه أكف
العبد كفاه
يا من
يجيب المضطر إذا دعاه يا من لا يرجى غيره ولا يعول على سواه
اللهم
إنا نعوذ بك من البرص، والجنون، والجذام، ومن سيئ الأسقام نعوذ بك مما استعاذ منه
عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعبادك الصالحون
اللهم
أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
إلهنا
:أريتنا قدرتك فأرنا رحمتك
وقل رب
اغفر وارحم وأنت خير الراحمين
إلهِي عبدك الْعَاصِي أتَاك
مُقِرًّا
بالذنوب وَقَدْ دَعَاك
فإنْ
تغفر وَأنْتَ لِذاكَ أهْلٌ
وَإِنْ
تَمنع فمن نَرْجُو سِواك
وصلى الله وسلم على سيدنا و معلمنا عبدالله
ورسوله النعمة المهداه والرحمة المسداة
وعلى آله وصحبه أجمعين.
إرسال تعليق
0 تعليقات